زيارة لبيتنا في اللد
في عام 1984، زرت بيتنا الذي ولدت فيه عام 1947 في مدينة اللد،
( التي احتلت في عام 1948 )، برفقة والدتي التي تعرفت على المكان
والبيت بعد اشتباه دام خمس دقائق!
<BLOCKQUOTE>
<BLOCKQUOTE>
أجيءُ إليكَ مُنتظراً لِقاكـا
وحينَ أجيءُ يلقاني سِواكا!
أحدّقُ في البيوتِ فلا تبالي
وأسألها .. فلا تبدي حِراكا
" يَعزّ عليَّ حينَ أديرُ عَيني
أفتّش في مَكانكَ لا أراكا* "
قصدتُّ بيتنا في الِّلدّ ..
يُقالُ كانَ قربَ المَعصرة!
وُلدتُّ فيهِ مُنذ هجرتين
ولم أرّه ..
يُقال كان فيهِ نخلتان
وحولهُ مساكنٌ ومساجدٌ
ومعهدٌ ومخفرٌ ومقبرة ..
كلّ البيوتِ حولها ما حولهُ
لكنّ بيتنا مُسوَّرٌ
كلّ البيوتِ في بلادِنا مُسَوّرة!
كأننا ندورُ في البلاد باحثين عن فتىً يدعونهُ محمداً ..
تقولُ أمي بغتةً ..
هنا بقايا المعصرة
هناك سور ..
هناك بيت
هناك بيتنا .. هناك
سِرنا معَ الطريق ..
حجارة .. اشواك
حجارة .. حجارة مبعثرة ..
وبيتنا .. والنخلتان ..
والنخلتان دمعتان
واللهِ دمعتان!
هل هكذا يكونُ النخلُ هائلاً وهائماً
كدمعتين؟!
مَنِ التي تطلّ من فناء الدار؟
عربيةٌ تقولُ بابتسامةٍ عربيةٍ " أهلاً "
سلّمتُ حائراً .. وقلت:
- ولدتّ عامَ سبعةٍ وأربعين
في بيتنا .. في بيتنكم!
هل تسمحين لي .. لنا
بصورةٍ هنا
وصورةٍ هناكَ تحتَ الشجرة
وصورةٍ لغرفتي
لغرفتي التي ولدتّ فيها منذ ألفِ عام!
- لكنها ليست قديمةً كما تظن ..
عمَّرتها مع الأولاد منذ عام ..
جئنا إلى هنا مُهَجّرينَ حينَ هدّم اليهودُ دارَنا
في عام سبعةٍ وأربعين
عمَّرتُ غرفةً وغرفةً وغرفةً ..
- لكنها .. هيَ!
تقول أمي: إنها هيَ ..
هنا المكان
هناك حِذلكَ الصغيرُ والسريرُ والخزانة البيضاء ..
هنا المكان!
هنا ليمونةٌ حديثةٌ فقط ..
سأقتني ليمونةً من بيتنا .. ليمونةً فقط
تفضلوا!
لا بدَّ أن نعودَ قبلَ العصر
العصرُ فاتنا ومال!
لا بد أن نعود
إلى هنا؟ .. أم من هنا نعود؟!
لا بد أن نعود!
تفضلوا إذن ..
هنا المَمَرّ ..
هنا العرب ..
هنا اليهود ..
وهنا طريقُ المَعصرة ..
هذا طريق المعصرة!
أغسطس 1984
________
* البيت الثالث للشاعر: البهاء زهير
** الحذل: سرير الطفل
مجيد
</BLOCKQUOTE></BLOCKQUOTE>